هناك أحكام شرعية كثيرة متعلقة بأمور دينية، ودنيوية مرتبطة بالأشهر القمرية، ولم يكن عند العرب وسيلة لمعرفة بداية الشهر إلا الرؤية. فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالصيام إذا رُئي الهلال. ونجد أكثر الفقهاء القدامى يثبتون الهلال بالرؤية، ويمنعون إثباته بالحساب؛ لكون الأمة أمية، واعتماد القائلين بالحساب في زمنهم على أمور ظنية، وخلطهم بين علم الفلك الذي يدرس الظواهر الفلكية والأجرام السماوية، مستخدما الرياضيات، والفيزياء، والكيمياء وبين التنجيم القائم على ادعاء معرفة حظوظ الناس ومستقبلهم ومصير حياتهم بحسب مواقع النجوم. ولكن الوضع في هذه الأيام اختلف بشكل جوهري نتيجة للتقدم العلمي الذي مكَّن علماء الفلك من حساب وقت دخول الشهر بدقة متناهية. وبناء على ذلك فإن أكثر العلماء المعاصرين يرون جواز إثبات دخول الشهر بالحساب. وفي هذا البحث عرضت آراء العلماء القائلين بإثبات الهلال بالرؤية، وعدم جواز إثباته بالحساب، وآراء العلماء القائلين بجواز إثبات الهلال بالحساب، وأدلة كل رأي، وناقشتها، وترجح لي جواز إثبات الهلال بالحساب. ويُظهر البحث مرونة أحكام الشريعة، وواقعيتها، وإمكانية الاستفادة من كل تقدم علمي يخدم الدين والمجتمع.